بقارتنا الحمرا
صفحة 1 من اصل 1
بقارتنا الحمرا
كان المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي "يتغشمر" مع المرحوم الشيخ عبدالله السالم فيقول له: "بقارتنا الحمرا تمشي بدون سكان.. نوخذاها القطوة ويزواها الفيران"*. أما رد الشيخ عبدالله السالم فكان لا يتعدى الضحك والاستحسان!
(1) في ظني أن رد الفعل الذي أبداه الرأي العام في أعقاب الإعلان عن القبض على شبكة التجسس الإيرانية في الكويت مؤخرا، يعود إلى وجود حالة مسبقة من التحفز. فالرأي العام كانت تراوده شكوكا كثيرة حول وجود اختراق أمني وسياسي إيراني للكويت على ضوء ملامسة بعض مظاهر الاختراق في حياتنا العادية، لكن حين تم الإعلان عن شبكة التجسس، اندفع الرأي العام في التعبير عما يجول في داخله من مخاوف وقلق بعد أن تأكدت ظنونه، فسمعنا عبارة "الله يستر" تترد في كل مكان. إن الإعلان عن الشبكة الأخيرة وتعامل الحكومة مع الموضوع عزز قناعة الشعب بأن الكويت "مخترقة"!
على كل حال، الاختراق "الأمني" المتمثل في وجود شبكات تجسس ومراقبة واستطلاع يبقى، أيا كانت تفاصيله، أمر اعتيادي.. إلا أن الخطر الحقيقي يكمن في الاختراق "السياسي"، فهذا النوع من الاختراق يصعب التعامل معه من قبل الأجهزة الأمنية، بل حتى الصحافة اليومية لا تجرؤ على مناقشته. فقبل نحو عشر سنوات رصدت الأجهزة الأمنية شبكة تجسس إيرانية ذات طابع "سياسي"، ودلت تحريات جهات الأمن على وجود صلة "استخباراتية" بين عضو في مجلس الأمة وضابط إيراني في السفارة الإيرانية ينتمي إلى سلاح الطيران، وقد تم رصد الاتصالات واللقاءات بين عضو مجلس الأمة وضابط الاستخبارات ثم تم إلقاء القبض على الضابط الإيراني وتم توثيق اعترافاته بما في ذلك تعاون عضو مجلس الأمة معه. وعلى الرغم من استكمال التحقيقات وتوافر الأدلة، إلا أن القرار السياسي آنذاك تبنى فكرة "طمطمة" الموضوع والاكتفاء بترحيل ضابط المخابرات الإيراني.. أما عضو مجلس الأمة فهو يسرح ويمرح بعد أن أصبح من أشد أنصار الحكومة!
وقبل فترة قصيرة عقد جهاز "أمني سياسي" اجتماعا على مستوى رفيع شاركت فيه عناصر أمنية وعناصر "سياسية".. وقد طرح في الاجتماع موضوع "الخطر الإيراني"، فبادر أحد "السياسيين" إلى التهوين من خطر إيران والقول أن إيران لا تمتلك أكثر من ستة صواريخ مداها قصير، وطلب هذا "السياسي" من العناصر الأمنية الحاضرة تأكيد صحة "معلوماته" لتطمين "السياسي" الأعلى مرتبة، إلا أن العناصر الأمنية المشاركة رفضت القيام بمهمة "التهوين" وأكدت أن إيران تشكل خطرا على أمن الكويت. إن هذا "التهوين" الذي يمارسه "السياسي" المقصود أخطر بكثير من وجود شبكة تجسس، فما حاجة إيران لاختراقات "أمنية" وهي التي حققت اختراقات "سياسية" بالغة الأهمية!
(2) حسنا فعل وجهاء الشيعة في التداعي لاجتماعهم الأخير، فقد يكون هذا الاجتماع خطوة أولى نحو استرجاع زعامتهم التقليدية للطائفة بعد أن سلبها منهم أحد "الطارئين" الذي نجح في توظيف أمواله سياسيا.. وعلى الرغم من عدم معرفتي بما دار خلال الاجتماع، إلا أنه يكفيني أن يعقد الاجتماع من دون دعوة هذا "الطارئ". وبمناسبة الحديث عن اجتماع وجهاء الشيعة أرجو أن يتقبل مني الأخوة الشيعة ملاحظة بسيطة مفادها أنه بعد الإعلان عن شبكة التجسس جرت محاولات خبيثة من قبل أحد الأطراف المتضررة من كشف الشبكة إلى جر البلاد نحو مواجهة طائفية وتصوير موضوع شبكة التجسس وكأنه عمل عدائي ضد الشيعة.. إن هذا خبث لا تفوت عليكم أغراضه، لذلك أتمنى عليكم إبقاء المسألة في حدودها الطبيعية وعدم الانسياق خلف دعوات مشبوهة، كما أتمنى على النائب الفاضل صالح عاشور أن يراجع نفسه فيما صرح به مؤخرا حول هذا الموضوع.
(3) وأبقى قليلا مع موضوع شبكة التجسس وأوضح أن قرار النائب العام بحظر النشر حول قضية الشبكة لا يعني سوى عدم جواز نشر ما يدور في غرفة التحقيق بعد أن صدر أمر بسرية التحقيق.. أما ما تحصل عليه الصحف من معلومات من خارج غرفة التحقيق وكذلك تصريحات النواب ومقالات الكتاب فلا يشملها الحظر، إذ أن سلطة النائب العام بحظر النشر نابعة من سلطته في تقرير سرية التحقيق، ولا تمتد سلطته خارج هذا الإطار. وبالطبع فإن مجلس الأمة يملك الحق في مناقشة الملف الأمني في البلاد شريطة ألا ينصرف النقاش إلى قضية شبكة التجسس الأخيرة، وهذا الشرط لا يعود إلى قرار النائب العام بل إلى الحدود الدستورية بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية.
(4) لم أشعر بالحزن بعد إغلاق صحيفة "أوان".. فقرار إغلاقها صدر في باريس بعد أن تعطلت حركة الطيران فوق أوربا، وبعد أن تجاوز المبلغ الذي تم صرفه عليها 6 ملايين دينار من دون جدوى "سياسية" "لفاعل الخير" الذي تكفل بمصروفاتها. وقد تردد أنه، وفي باريس أيضا، أبدى "فاعل الخير" أياه رغبته في إغلاق صحيفتين ومحطة تلفزيون ينفق عليها بالسر.. والسؤال المهم هو هل التوقف عن "الصرف" يعود إلى انعدام الجدوى السياسية من "الصرف" أم لأن "فاعل الخير" يهم بمغادرة المسرح السياسي وآن أوان تصفية "موجوداته"؟! على كل حال، أتمنى على "فاعل الخير" أياه أن يدفع حقوق العاملين في "أوان" على الأقل، فالكويت كلها تعرفه.
• "بقارتنا الحمرا" تعني سفينتنا ذات اللون الأحمر، أما "يزواها" فتعني بحارتها
(1) في ظني أن رد الفعل الذي أبداه الرأي العام في أعقاب الإعلان عن القبض على شبكة التجسس الإيرانية في الكويت مؤخرا، يعود إلى وجود حالة مسبقة من التحفز. فالرأي العام كانت تراوده شكوكا كثيرة حول وجود اختراق أمني وسياسي إيراني للكويت على ضوء ملامسة بعض مظاهر الاختراق في حياتنا العادية، لكن حين تم الإعلان عن شبكة التجسس، اندفع الرأي العام في التعبير عما يجول في داخله من مخاوف وقلق بعد أن تأكدت ظنونه، فسمعنا عبارة "الله يستر" تترد في كل مكان. إن الإعلان عن الشبكة الأخيرة وتعامل الحكومة مع الموضوع عزز قناعة الشعب بأن الكويت "مخترقة"!
على كل حال، الاختراق "الأمني" المتمثل في وجود شبكات تجسس ومراقبة واستطلاع يبقى، أيا كانت تفاصيله، أمر اعتيادي.. إلا أن الخطر الحقيقي يكمن في الاختراق "السياسي"، فهذا النوع من الاختراق يصعب التعامل معه من قبل الأجهزة الأمنية، بل حتى الصحافة اليومية لا تجرؤ على مناقشته. فقبل نحو عشر سنوات رصدت الأجهزة الأمنية شبكة تجسس إيرانية ذات طابع "سياسي"، ودلت تحريات جهات الأمن على وجود صلة "استخباراتية" بين عضو في مجلس الأمة وضابط إيراني في السفارة الإيرانية ينتمي إلى سلاح الطيران، وقد تم رصد الاتصالات واللقاءات بين عضو مجلس الأمة وضابط الاستخبارات ثم تم إلقاء القبض على الضابط الإيراني وتم توثيق اعترافاته بما في ذلك تعاون عضو مجلس الأمة معه. وعلى الرغم من استكمال التحقيقات وتوافر الأدلة، إلا أن القرار السياسي آنذاك تبنى فكرة "طمطمة" الموضوع والاكتفاء بترحيل ضابط المخابرات الإيراني.. أما عضو مجلس الأمة فهو يسرح ويمرح بعد أن أصبح من أشد أنصار الحكومة!
وقبل فترة قصيرة عقد جهاز "أمني سياسي" اجتماعا على مستوى رفيع شاركت فيه عناصر أمنية وعناصر "سياسية".. وقد طرح في الاجتماع موضوع "الخطر الإيراني"، فبادر أحد "السياسيين" إلى التهوين من خطر إيران والقول أن إيران لا تمتلك أكثر من ستة صواريخ مداها قصير، وطلب هذا "السياسي" من العناصر الأمنية الحاضرة تأكيد صحة "معلوماته" لتطمين "السياسي" الأعلى مرتبة، إلا أن العناصر الأمنية المشاركة رفضت القيام بمهمة "التهوين" وأكدت أن إيران تشكل خطرا على أمن الكويت. إن هذا "التهوين" الذي يمارسه "السياسي" المقصود أخطر بكثير من وجود شبكة تجسس، فما حاجة إيران لاختراقات "أمنية" وهي التي حققت اختراقات "سياسية" بالغة الأهمية!
(2) حسنا فعل وجهاء الشيعة في التداعي لاجتماعهم الأخير، فقد يكون هذا الاجتماع خطوة أولى نحو استرجاع زعامتهم التقليدية للطائفة بعد أن سلبها منهم أحد "الطارئين" الذي نجح في توظيف أمواله سياسيا.. وعلى الرغم من عدم معرفتي بما دار خلال الاجتماع، إلا أنه يكفيني أن يعقد الاجتماع من دون دعوة هذا "الطارئ". وبمناسبة الحديث عن اجتماع وجهاء الشيعة أرجو أن يتقبل مني الأخوة الشيعة ملاحظة بسيطة مفادها أنه بعد الإعلان عن شبكة التجسس جرت محاولات خبيثة من قبل أحد الأطراف المتضررة من كشف الشبكة إلى جر البلاد نحو مواجهة طائفية وتصوير موضوع شبكة التجسس وكأنه عمل عدائي ضد الشيعة.. إن هذا خبث لا تفوت عليكم أغراضه، لذلك أتمنى عليكم إبقاء المسألة في حدودها الطبيعية وعدم الانسياق خلف دعوات مشبوهة، كما أتمنى على النائب الفاضل صالح عاشور أن يراجع نفسه فيما صرح به مؤخرا حول هذا الموضوع.
(3) وأبقى قليلا مع موضوع شبكة التجسس وأوضح أن قرار النائب العام بحظر النشر حول قضية الشبكة لا يعني سوى عدم جواز نشر ما يدور في غرفة التحقيق بعد أن صدر أمر بسرية التحقيق.. أما ما تحصل عليه الصحف من معلومات من خارج غرفة التحقيق وكذلك تصريحات النواب ومقالات الكتاب فلا يشملها الحظر، إذ أن سلطة النائب العام بحظر النشر نابعة من سلطته في تقرير سرية التحقيق، ولا تمتد سلطته خارج هذا الإطار. وبالطبع فإن مجلس الأمة يملك الحق في مناقشة الملف الأمني في البلاد شريطة ألا ينصرف النقاش إلى قضية شبكة التجسس الأخيرة، وهذا الشرط لا يعود إلى قرار النائب العام بل إلى الحدود الدستورية بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية.
(4) لم أشعر بالحزن بعد إغلاق صحيفة "أوان".. فقرار إغلاقها صدر في باريس بعد أن تعطلت حركة الطيران فوق أوربا، وبعد أن تجاوز المبلغ الذي تم صرفه عليها 6 ملايين دينار من دون جدوى "سياسية" "لفاعل الخير" الذي تكفل بمصروفاتها. وقد تردد أنه، وفي باريس أيضا، أبدى "فاعل الخير" أياه رغبته في إغلاق صحيفتين ومحطة تلفزيون ينفق عليها بالسر.. والسؤال المهم هو هل التوقف عن "الصرف" يعود إلى انعدام الجدوى السياسية من "الصرف" أم لأن "فاعل الخير" يهم بمغادرة المسرح السياسي وآن أوان تصفية "موجوداته"؟! على كل حال، أتمنى على "فاعل الخير" أياه أن يدفع حقوق العاملين في "أوان" على الأقل، فالكويت كلها تعرفه.
• "بقارتنا الحمرا" تعني سفينتنا ذات اللون الأحمر، أما "يزواها" فتعني بحارتها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى